تأتي ظاهرة القراءة كطفل غريب في مجتمعاتنا فلة القراءة والصبر عليها لاتتعدي الدقائق المعدودة للقارئ المج في مجتمعنا الصومالي فنحن كما نردد شعب شفهي أكثر منه شعب قارء كاتب ولكن لننظر كيف كانت الامة من قبلنا فقد ذكر الخطيب البغدادي عن أحمد بن النضر الهلالي قال: سمعتُ أبي يقول: كنتُ في مجلس سفيان بن عيينة فنظر إلى صبي دخل المسجد، فكأن أهل المجلس تهاونوا به لصغر سنه، فقال سفيان: {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ}. ثم قال: يا نضر .. لو رأيتني ولي عشر سنين، طولي خمسة أشبار، ووجهي كالدينار، وأنا كشعلة نار، ثيابي صغار, وأكمامي قصار, وذيلي بمقدار, ونعلي كالفار, اختلفت إلى العلماء والأمصار, مثل الزهري وعمرو بن دينار، أجلس بينهم كالمسمار, محبرتي كالجوزة ومقلمتي كالموزة، وقلمي كاللوزة، فإذا دخلت المسجد قالوا: أوسعوا للشيخ الصغير. قال: ثم تبسم ابن عيينة وضحك.القراءة إشراقة وانطلاقة لا مثيل لها .. بالقراءة تغوص في أعماق التاريخ، وتجالس حكماء الدنيا، وتطوف أرجاء المعمورة .. تعايش عادات الشعوب، وتقاليد الأمم، وإنجازات الحضارات، وخبرات البشرية.
القراءة مدرسة مجانية، وتثقيف ذاتي، وإضافة كيانات إلى كيانك، وثقافات إلى ثقافتك، ومعارف إلى معارفك .. يقول عباس محمود العقاد: “لست أهوى القراءة لأكتب ولا لأزداد عمراً في تقدير الحساب، وإنما أهوى القراءة لأن لي في هذه الدنيا حياة واحدة، وحياة واحدة لا تكفيني لأتحرك على ما في ضميري من بواعث الحركة ..
أما حاضرنا مجتمعتاتنا المسلمة والعريبة التي ننتمي إليها مقابل الشعبوب الاخري فيمكن تلخيصها بأنه في مجتمعات عالمية لا مكان فيها لجاهل بات هجران الثقافة أمرا مثيرا للشفقة، والغريب أن أمة «أقرأ» طالتها الأمية المعرفية، وصار حظها من الوجود استهلاك ما أنتجته عقول غيرها، كما أن أزمتها تلخصت في: التخلف، والتبعية، وضياع الهوية.
أشارات التقارير الحديثة الصادرة عن اليونسكو أن القراءة في مجتمعاتنا العربية وصلت إلى مستويات متدنية للغاية، فلو قسمنا ما يقرأ العرب من ساعات ودقائق على عدد العرب سنصدم بأن متوسط قراءة الشخص العربي دقائق في السنة، وأن هناك كتابا واحدا سنويا يصدر لكل 350 ألف إنسان عربي، بينما هناك كتاب واحد لكل 15 ألف شخص في دول أوروبا، ولو جمعنا كل دور النشر العربية، وحسبنا كم تستهلك من أطنان الورق، لوجدناه يساوي استهلاك شركة نشر فرنسية واحدة هي شركة (ماليمار).
وأشار أحد الباحثين في إحدى مؤتمرات إتحاد الناشرين العرب إلى أن متوسط ما يقرؤه الأوروبي خمسة وثلاثون كتاباً في السنة، أما الشاب الهندي فإنه يقرأ ما يقارب عشر ساعات أسبوعياً، وأن كل ثلاثة آلاف ومائتي عربي يقرؤون كتاباً واحداً في السنة!