كثيرا ما نسمع من يتحدث عن المعاناة من وجود الغيرة بين الأطفال، وبخاصة بين الإخوة، وعن حجم ما تجلبه هذه الغيرة على الأسرة من متاعب جمة ومشاكل وخصومات. والواقع أنه قد تبدو هذه الغيرة في بعض الحالات طبيعية.انطلاقا من واجب الاعتراف بميل الأطفال الفطري نحو الأنانية وحب التملك أو الاستئثار بحب الأهل لهم. علينا أن نتعامل معهم بحكمة كبيرة تقتضي أولا ألا نميز أحد الأطفال، في غمرة تلهفهم، عن الآخرين إلا بمقدار ما اجتهد فيه، ولا نبالغ كثيرا في إظهار الحب الكبير لأحد الأطفال دون سواه وأمام إخوته وعلى مرأى منهم. وتبرز لنا معضلة التوفيق بين مبدأ عدم التمييز بين الإخوة من جهة، وبين واجب الاعتراف بفضل المجتهد منهم وحقه في الشكر والتقدير من جهة أخرى. والحكمة تقتضي لتحقيق أقصى درجة من التوفيق بين الأمرين، الإشادة بالمجتهد، وهذا حقه، وتلمس أسباب الإخفاق مثلا لمن لم يسعفه الحظ أو الظروف. ومن المفيد هنا التأكيد على أن من سلامة التصرف التوضيح للطفل أن التأسي بالنماذج الناجحة لا عيب فيه، وأن التقليد فيما فيه الخير له ليس عارا عليه.
هذا السلوك من جانب الوالدين لا يضع الناجح من أطفالهما على قدم المساواة مع من أصابه الإخفاق، وفي الوقت نفسه يقلص كثيرا من هامش التمييز المفضي إلى التباعد بينهم.