– لعل واحداً من أهم إنجازات الرئيس السيسى فى مجال السياسة الخارجية سعيه الدؤوب إلى تصحيح العلاقات المصرية الإفريقية ، وحرصه على توسيع مجالات التعاون بين مصر والدول الإفريقية ، ليس فقط فى مجالات التنمية الإقتصادية وتبادل الخبرات والمنافع ، أو لمواجهة مشاكل المياه فى دول حوض النيل ، ولكن أيضاً فى مجالات حفظ الأمن والتصدى للإرهاب بما يضمن حصار منظمات الإرهاب وتصفيتها ، لأن أمن إفريقيا هو سند إستقرارها وتقدمها فى القرن الحادى والعشرين ، كما كانت حركات التحرر والإستقلال الوطنى هي جوهر نضالها فى القرن العشرين ، ويزيد من أهمية التحدى وجود منظمتين إرهابيتين تعملان فى أنحاء متفرقة من القارة ، منظمة “داعش” التى تسعى الى السيطرة على ليبيا لتجد لها موطء قدم بديل عن العــراق وسوريا ومنظمة ” بوكو حرام ” التى يمتد نشاطها إلى تشاد والنيجر ونيجيريا وتربطها علاقات تعاون وثيقة مع ” داعش ” .
– لم يتخلف الرئيس السيسى عن حضور القمة الإفريقية ويحرص على وجود مصر شريكاً فى كل تجمع إفريقى ، ويؤكد فى كل مناسبة أن توجه مصر الإفريقى توجه إستراتيجى يشكل أولوية مطلقة فى سياسات مصر الخارجية ، وفى هذا الإطار يأتى إعلان شرم الشيخ الذى يُجسد إرادة 27 دولة أفريقية تمتد من ساحل إفريقيا الشمالى على البحر الأبيض الى عمقها وسط القارة ، ويُشكل نموذجاً ومثالاً لما ينبغى أن يكون عليه التعاون الدولى فى قضايا الأمن والإرهاب ، لأن البيان ينص فى بنوده على عدم التدخل فى الشئون الداخلية لأي دولة أفريقية ، والإمتناع عن مساندة الحركات الإنفصالية ، وعدم تقديم أى عون أو ملاذ لأى من جماعات الإرهاب ، وإنشاء آلية إفريقية تمنع نشوب النزاعات بين الدول الإفريقية تحت شعار كل مشكلة أفريقية ينبغى أن يكون لها حل أفريقى بما يعزز علاقات الثقة المتبادلة ويهيىء الأرضية الصحيحة لتعاون مثمر وجاد فى مقاومة الإرهاب ، يشمل تبادل المعلومات والخبرات ، وتعزيز أمن الحدود المشتركة ، وتشكيل قوة مشتركة تساعد الدول الأفريقية فى حربها على الإرهاب ، وحماية الأجيال الجديدة من مخاطر العنف والتطرف .
– وما يزيد من قيمة إعلان شرم الشيخ أن معظم دول الساحل والصحراء تضم مجموعات سكانية مسلمة ومجموعات مسيحية ، واخرى وثنية ، تتعايش فى أمن وسلام فى هذا الحزام السكانى الذى يمتد وسط أفريقيا ، ويحاول البعض أن يجعل منه منطقة حروب وصراعات دينية وعرقية تفصل بين شمال القارة بأصوله العربية وجنوبها الزنجى ، بدلاً من أن يكون جسر تواصل يربط أواصر القارة ويعزز تعاونها المشترك .