أكد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور أحمد الريسوني أن “الحكام الآن، هم الذين يُهرَعون ـ مضطرين كارهين ـ إلى الأطباء والخبراء، يسلمونهم مقاليد الحكم لاتخاذ القرارات اللازمة، وهم فقط يوقعون عليها.. يقولون لهم: تفضوا تقدموا أنقذونا.. ماذا نفعل؟ الأمر إليكم وبيدكم”.وقال الريسوني في تدوينة نشرها على صفحته علة موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك” اليوم الثلاثاء: “الآن، وقع ما وقع، وقع ما لم يكن في الحسبان.. لقد فعلها كورونا!! اليوم سلطات الأطباء والخبراء تتسع، وسلطات أهل الحكم تتقلص أو تتعطل!”.وأوضح الريسوني أنه “فجأة، وبدون انقلابات ولا ثورات.. وبدون انتخابات ولا استخبارات، وبدون صراعات ولا مؤامرات.. فجأة، وجدنا أطباء العالم يحكمون العالم، يحكمونه ـ فقط ـ بالقفازات والكمامات والتعليمات”.وأشار إلى أن الأطباء “أوقَفوا حركة الطيران، ثم سائر وسائل المواصلات، وعطلوا المقابلات الرياضية والمهرجانات الفنية، وعطلوا كافة المؤسسات التعليمية، بجميع مستوياتها، وأغلقوا المصانع والمجمّعات التجارية والأسواق، وأغلقوا المساجد والكنائس والمعابد”.وأكد الريسوني أن الأطباء بسبب كورونا غيروا الأولويات، وقال بأن الأطباء: “فرضوا على وسائل الإعلام أولويات جديدة ووجوها جديدة، وفرضوا على الفقهاء أن يصدروا الفتاوى والتوجيهات، وفق ما يقدرون وما يقررون، ووضعوا الرؤساء والوزراء والزعماء تحت الإقامة الإجبارية، وسجنوا شعوبا بأكملها، وأخرجوا الجيوش إلى الشوارع والساحات، لحظر التجوال والتجمعات، وما زالوا يتوعدون الناس بمزيد من التدابير والإجراءات..!”.ولفت الريسوني الانتباه إلى أن الفلاسفة، المفكرين، الأطباء، الفقهاء، حاولوا منذ عصور قديمة أن يَـحكموا ليُـحَكِّموا علمهم وعقولهم، فوُبخوا وزُجروا. وحاولوا أن يشاركوا في شؤون الحكم بما عندهم من قواعد وخبرات وكفاءات، فأبعدوا وحُذِّروا.. ثم حاولوا مجردَ ترشيد الحكم والحكام، بالعلم والعقل والرأي والنقد، فأهملوا ونُبذوا. ولما أصر بعضهم على ذلك عوقبوا ونُكِـبوا”.وأضاف: “وقع التوافق والتسليم: بأن الحكم خاص لأهله، أصحابِ العصا والجزرة، والقوة والمنعة. وأما أصحاب الفلسفة والحكمة، وأصحاب العلم والفكر، فسيسمح لهم بالجلوس عند الأبواب والأعتاب، دون طرق ولا إزعاج ولا عتاب. على أن ينادَى عليهم عند الحاجة إليهم.. ومضت الأمور على هذا”.وتساءل الريسوني: “لكن ماذا سيقع بعد رحيل كورونا، هل سيرحل معه الأطباء والخبراء عن المشهد وعن القرار وعن التدبير، وهل سينكمشون في مختبراتهم ومكاتبهم، مع مرضاهم؟ أم أن الشعوب وحكامَها سيأخذون العبرة ويستوعبون الدرس، فيعطون الكلمة العليا للأطباء والخبراء والعلماء، في التدبير الصحي والبيئي والاجتماعي والاقتصادي؟ أم أن ما يؤرق الحكام الآن هو تساؤلهم المحير: متى نعود إلى سلطتنا وسطوتنا وقراراتنا؟ ومتى نستعيد حريتنا ومقاليد أمورنا؟ ومتى نخرج من الحجر الطبي ووصاية الأطباء؟”.وأجاب الريسوني: “لكن الجواب عن هذا السؤال يبقى عند الأطباء وحليفِهم/عدوهم: فيروس كورونا. وفوق هذا وذاك: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}”، [القصص: 68].