ثانيًا: العمارة الدينية:
مع قدوم الإسلام في أوائل العصور الوسطى إلى شبه الجزيرة الصومالية، دخل على المعمار المحلي تأثيرات معمارية إسلامية من شبه الجزيرة العربية وبلاد فارس، ويلاحظ ذلك على التحول من استخدام الأحجار الجافة وغيرها في البناء إلى استخدام الحجر المرجاني، والطوب المجفف، ويشتهر الإستخدام الواسع للحجر الجيري في الهندسة المعمارية المحلية.
ولقد تم بناء العديد من التصميمات المعمارية الجديدة مثل المساجد على أنقاض الهياكل القديمة، واستمر ذلك مرارًا وتكرارًا عبر القرون.
مسجد القبلتين:
يقع مسجد القبلتين في مدينة “زيلع”، ويعود تاريخ بنائه إلى وصول الإسلام إلى بلاد القرن الإفريقي، خلال فترة هجرتي الصحابة إلى الحبشة، ويعود بناء المسجد إلى السنوات الأولى من هجرة النبي محمد –صلى الله عليه وسلم- إلى “يثرب/المدينة المنورة”، وذلك في القرن السابع الميلادي، ويعد مسجد القبلتين أقدم مسجد في القرن الإفريقي قاطبة، كما يعد الأول في مدينة “زيلع”، ورغم حالة الخراب والإهمال التي يعانيها المسجد، وقيام إحدى المنظمات الأجنبية بأعمال مضرة بما تبقى من أساساته، إلّا أن الله شاء أن يبقى من محرابيه ما يدل على مكانهما، الذين يشيران إلى القبلة الأولى للمسلمين “بيت المقدس” إلى الشمال الغربي، و القبلة الثانية في “مكة المكرمة” إلى الشمال.
مسجد فخر الدين:
تعد المساجد في القرن الإفريقي من أقدم المساجد في القارة بأكملها، ومن أقدمها مسجد فخر الدين الذي يعود تاريخه إلى عام 1269م، وتم تسميته باسم السلطان الأول لسلطنة مقديشو.
وقد تم بناؤه من الرخام والحجر المرجاني على مساحة مخطط مستطيل، ويتميز بوجود محراب مقبب في مركزه، زُخْرِف بإستخدام البلاط
وتحمل واحدة من تلك المحارب نقشًا تاريخياً. ويتميز المسجد بنظام من الحزم المركبة بجانب العمودين الرئيسيين. وتم نسخ هذا التصميم إلى بعض المساجد الواقعة في جنوب منطقة القرن.
مسجد المنارة:
الموقع الإستراتيجي أضاف ميزة تاريخية وحضارية إلى القرن الإفريقي، مما جعل عدة حضارات تمر عليها في طريق عبورها إلى أفريقيا لمقاصد اقتصادية وتجارية، واستندت المصفوفة الحضارية للمدن الداخلية ومدن الموانئ على صيغة عشائرية، وشهدت مختلف العشائر منافسة شرسة على الموارد الطبيعية مما أدى إلى نزاع دائم بين العشائر المتجاورة. في هذا الصدد قام التجار بتشييد الأبراج لغرض حماية سكان المدن من الغارات المحتملة، وتم بناء الأبراج الحجرية مثل برج المنارة الذي يعود للقرن الخامس عشر في مقديشو، وبرج جاميا في مركا للدفاع عن تلك المدن، على الرغم من أن أبراج دار ” لالو” الحجرية التي شُيدت في البداية للدفاع عن قلعة تليح قد أستخدمت أيضًا كخزائن لدولة الدراويش.
