دخول الإسلام والعربية إلي إثيوبيا
إثيوبيا، مجاورة للوطن العربي، وسجل التاريخ علاقاتها القديمة مع مصر والجزيرة العربية بشكل مستفيض، ومن أهم العلاقات التى تربط إثيوبيا بالعرب علاقة الكنيسة الإثيوبية بالكنيسة المصرية من حيث وحدة المذهب الأرثودوسكي والعلاقة البابوية بين الكنيستين، وايضا شكلت هجرة صحابة الرّسول صلى الله عليه وسلم إلى بلاد الحبشة (الدولة الإثيوبية التاريخية، وتنقسم مساحتها اليوم بين أقاليم التجراي والأمهرة)، وأحدث تغييرا جوهريا في العلاقة، وأسس علاقة طويلة ومتشعبة بين مملكة إثيوبيا والثقافة الإسلامية.
وهناك عوامل كثيرة ساعدت بإنتشار اللغة العربية من أهمها العامل الديني، إذ أنّه حين انتشر الإسلام واستقرت قواعده انتشرت اللغة العربية معها، ويأتي هذا العامل في مقدمة عوامل سرعة انتشار اللغة العربية في إثيوبيا، ومع أنّ كل شخص يعتنق الإسلام حتى يكون له معرفة بالدين والإلمام به على أقل تقدير لابد له من معرفة بعض من آيات كتاب الله حتى يؤدي بها صلاته ومعرفة واجباته الدينية، ولذلك فإنه لا بد أن يكون على علم ولو ضئيل باللغة العربية، أما من يريد أن يفهم دينه ويتعمق فيه فلا بد له من الإلمام الجيد باللغة العربية حتى يستطيع قراءة القرآن الكريم وفهمه وقراءة شرحه وتفسيره، وبهذه الطريقة حمل الإسلام اللغة العربية معه حيثما حل وأينما كان على نحو جعل للغة العربية مكانة ودرجة من الانتشار في كل المناطق التي كان يتواجد فيها مسلمون، هذا ولم تكن الحبشة بمعزل عن هذا الأمر إذ أنّ انتشار الإسلام فيها أدى إلى انتشار اللغة العربية.
ومن حيث دور التجارة، فقد كان التجّار وسيلة في نشر الدعوة الإسلامية واللغة العربية، إذ كانوا يرحلون إلى المناطق الداخلية بغرض التجارة كونه لا يمكن أن تكون التجارة فقط في المناطق الساحلية، وبعد ظهور الإسلام ازداد عدد التجار العرب في إثيوبيا بشكل كبير، وكان معظمهم يقيمون بالحبشة و يختلطون بسكانها ويتعاملون معهم وينشرون الإسلام أيضاً، وكان هذا أحد أسباب انتشار اللغة العربية في الحبشة، كما تم فتح أسواقاً ضخمة في المدن الساحلية، وقصد تلك الأسواق أبناء البلاد الأصليين من أجل بيع محصولهم الزراعي وشراء ما يحتاجون إليه، وايضا بقصد الإقامة، والبحث عن فرص عمل، وأتاح لهم اختلاطهم وعيشهم في هذه المدن الاحتكاك بالحياة الإسلامية والثقافة العربية عن قرب، وهذا ما دفعهم إلى اعتناق الإسلام، ومن ثم نشره بين ذويهم إذا عادوا لبلادهم.
ومن ناحية دور الهجرات العربية، فقد كان للهجرات العربية وتحركات القبائل دور مهم في نشر اللغة العربية في إثيوبيا، وقد خرجت هجرات متعددة من القبائل العربية بعد هجرة المسلمين الأولى قصدت الحبشة واستقرت فيها،
في كتاب الإسلام و المماليك الإسلامية في الحبشة في العصور الوسطى، ذكر أنّ من بين الهجرات هجرة أقوام من ربيعة وقحطان استقروا في مناطق البيجا، كما هاجرت أقوام من قبيلة بني مخزوم القرشية التي أقامت إحدى الممالك الإسلامية بزعامتها في منطقة شوا الشرقية في نهاية القرن التاسع الميلادي تقريباً، وقد هاجر أسلاف من هذه الأسرة عبر البحر الأحمر في عهد خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ومن جانب آخر، كانت العلاقات التجارية عامل انتشار آخر للغة العربية، فلقد كانت الحبشة من أهم الأسواق التجارية منذ قديم الأزمنة، وكانت الحبشة في ذلك الوقت مورداً لا ينضب لتجارة الرقيق الذي مطلباً للدول القوية قديماً، وأيضا كانت الحبشة غنية بالأخشاب والتوابل وسن الفيل والجلود.